فصل: الكبائر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (نسخة منقحة مرتبة مفهرسة)



.الكبائر:

الفتوى رقم (1759):
س: يقول السائل إنه وجد ابن حزم يقول: إن المؤمنين يأخذون كتابهم بأيمانهم والكفار يأخذون كتابهم بشمالهم، والمؤمنين من أهل الكبائر يأخذون كتابهم من وراء ظهورهم فبينوا لنا.
ج: مذهب أهل السنة والجماعة أنه من مات على الإيمان يتناول كتابه بيمينه ولو كان مرتكبا للكبائر، وأن من مات على الكفر والعياذ بالله يتناول كتابه بشماله من وراء ظهره، وهو بذلك يمثل هيئة الفاتر المتألم الكاره لما يتناوله، ولكن لابد من تناوله، وهذا هو الذي دلت عليه النصوص فإنها لم يذكر فيها بالنسبة لتناول الكتاب إلا مؤمن ولو مطلق الإيمان، وكافر وإن اختلف نوع كفره أو تفاوتت درجته، وقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا} [الانشقاق: 10- 11] الآيات. هي في الكافر كفرا يخرج عن ملة الإسلام لخبر الله عنه بأنه لا يؤمن بالآخرة في قوله سبحانه آخر هذه الآيات: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] أي: يرجع إلى ربه للحساب والجزاء، ولا منافاة بين خبر الله تعالى عن الكافر مرة بأنه يؤتى كتابه من وراء ظهره وأخرى بأنه يؤتى كتابه بشماله لإمكان الجمع بينهما بأخذه كتاب عمله بشماله من وراء ظهره كما تقدم، فإحدى الآيتين في بيان العضو الذي يتناول صحيفة العمل والأخرى في صفة التناول وهيئته، وما ذكرته عن ابن حزم من تناول مرتكبي الكبائر من المؤمنين كتاب أعمالهم من وراء ظهورهم فنقلك عنه صحيح؛ لكن قوله رحمه الله في ذلك غير صحيح؛ لما تقدم، فالصحيح ما تقدم، وهو مذهب أهل السنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
السؤال الثالث من الفتوى رقم (2235):
س3: قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وقال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38].
فهؤلاء الذين يرتكبون مثل هذه الكبائر ولا يوجد من يطبق عليهم الأحكام وماتوا وهم غير تائبين، فما حكم الله فيهم يوم القيامة؟
ج: عقيدة أهل السنة والجماعة أن من مات من المسلمين مصرا على كبيرة من كبائر الذنوب كالزنى والقذف والسرقة يكون تحت مشيئة الله سبحانه إن شاء الله غفر له وإن شاء الله عذبه على الكبيرة التي مات مصرا عليها، ومآله إلى الجنة؛ لقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وللأحاديث الصحيحة المتواترة الدالة على إخراج عصاة الموحدين من النار، ولحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: قال ابن حجر في الفتح (8/ 640): أي: آية بيعة النساء، وهي: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا}. اهـ. كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أتبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا»، وقرأ آية النساء- يعني الآية المذكورة، وأكثر لفظ سفيان قرأ الآية: «فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب في ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له، ومن أصاب منها شيئا من ذلك فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» (*) وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
الفتوى رقم (4850):
س: هل الذي يزني ويشرب الخمر أيمكن لنا أن نقول له: أنت كافر أم لا؟
ج: لا يقال لمن زنى أو شرب الخمر: أنت كافر عند أهل السنة والجماعة، بل يقال فيه: إنه مؤمن بقدر ما فيه من إيمان، فاسق بقدر ما فيه من معصية، وما ورد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» الحديث (*)، فمحمول على نفي كمال الإيمان الواجب لا على نفي أصل الإيمان، بدليل أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر عند البخاري أنه قال: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة» قلت: يا رسول الله، وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق». قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق». قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر». وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر (*)، قال أبو عبدالله: (هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم، وقال: لا إله إلا الله غفر له) وبذلك يجمع بين أدلة الوعد والوعيد ويعمل بها كلها ولا يرد شيء منها، لكن من استحل الزنى أو السرقة أو شرب الخمر وغيرها من المحرمات المجمع على تحريمها- كفر عند أهل السنة والجماعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
السؤال السابع من الفتوى رقم (5383):
س7: هل المؤمن يخلد في النار، وإذا كان يؤمن بالله وملائكته... إلخ ولا يؤدي الصلاة يعتبر مؤمنا؟
ج7: لا يخلد المؤمن في النار، وما ارتكبه من كبائر الذنوب غير الكفر ومات عليه دون توبة منه يكون به تحت مشيئة الله إن شاء عذبه، ومآله إلى الجنة وإن شاء غفر له ذنوبه، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وتارك الصلاة كافر كفرا أكبر يستحق به الخلود في النار كسائر الكفار.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
السؤال الثالث من الفتوى رقم (5401):
س3: كيف نحكم على من مات وهو مدمن الخمر وقد حذرناه، وهو على قيد الحياة فلم يتب فلقي حتفه وهو مدمن الخمر، وهل يجب علينا أن ندفنه في مقابر المسلمين، وما حكم من قتل نفسه متعمدا؟
ج3: إذا مات المسلم وهو مصر على كبيرة من الكبائر، كشرب الخمر والربا والزنى والسرقة ونحو ذلك، وكذلك من قتل نفسه متعمدا فإن مذهب أهل السنة والجماعة أنه مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وأمره إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه، ونغسله ونكفنه ونصلي عليه ويدفن في مقابر المسلمين ما لم يستحل هذه الكبائر؛ لقول الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ولما تواترت به الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم من إخراج العصاة من النار يوم القيامة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
السؤال الثالث من الفتوى رقم (5634):
س3: هل يدخل الجندي في الجنة؛ لأنه يقتل نفسا حين وقع النزاع للدفاع عن وطن؟
ج3: نعم، إذا مات على الإسلام وما ارتكبه المسلم من كبائر الذنوب دون الشرك ثم مات على ذلك غير تائب فإنه تحت مشيئة الله سبحانه عند أهل السنة والجماعة؛ عملا بقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
الفتوى رقم (6207):
س: علمت من بعض الذين يعرفون والدي أنه قتل عدة أشخاص في زمان السلب والنهب، وأن والدي توفاه الله وأنا طفل صغير، وبعد علمي بذلك أصبحت محتارا كيف الطريقة التي أقدر أن أعملها عن والدي حيث إنه توفي أيضا ولم يسقط فريضة الحج وقد أديتها عنه، علما بأنه لم يخلف من الأولاد سواي فهل أطعم عن كل واحد مسكينا، ماذا أعمل؟ أما إعتاق الرقبة والله لا أستطيع، أما الصيام مشكلة عليه دهرا كاملا، فأرشدوني الطريقة جزاكم الله خيرا.
ج: من مات على الإسلام وقد قتل نفسا أو نفوسا عمدا فهو ممن ارتكب كبائر غير الشرك، وهو في مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ثم تكون المقاصة بينه وبين قتيله في الحسنات والسيئات، والذي عليك لبر والدك الدعاء له بالرحمة والمغفرة والصدقة عنه عسى أن يرحمه الله ويعفو عنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
السؤال الخامس من الفتوى رقم (6396):
س5: ما حكم الشخص الذي لا يؤدي أي فريضة من الفرائض المكتوبة كالصلاة مع أنه سالم معافى ويعمل الخير للناس ويبتعد عن الشر ويقول: إن الله غفور رحيم؛ لأنني لا أعمل الشر ولكن أحب عمل الخير، وأيضا بعض الناس يصلون ويعملون الخيرات ولكن هناك أشياء يعملونها مثل الزنا والربا أو شرب الخمر مع أنه محافظ على الصلوات كلها، فما الحكم على مثل هذا الشخص؟
ج5: أولا: ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (*)، وما جاء في معناه من الأحاديث.
ثانيا: فعل الزنى كبيرة من كبائر الذنوب، وكذلك التعامل بالربا وشرب الخمر وجميع هذه المعاصي من الكبائر لا يخرج فاعلها بفعلها من الإسلام إذا لم يستحلها، لكنه على خطر كبير وإن مات مصرا عليها فهو تحت مشيئة الله سبحانه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه بقدر كبيرته ومآله إلى الجنة؛ لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] الآية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
السؤال الخامس من الفتوى رقم (6614):
س5: هل سيدنا آدم خرج من الجنة مطرودا- وهل تتلاحق الخطيئة على أبنائه من بعده؟
ج5: أخبر الله سبحانه أنه أهبط آدم عليه السلام من الجنة بعد أن عصى ثم تاب عليه، كما أخبر أنه سينزل الكتب ويبعث الرسل والأنبياء، فمن أطاع فله الجنة ومن كفر فله النار، قال تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 38- 39].
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
السؤال الثالث من الفتوى رقم (7122):
س3: ما حكم مرتكب الكبيرة مثل القتل والسرقة والزنى ونحوها في ظل دولة تحكم بغير شرع الإسلام مع الأدلة الصحيحة؟
ج3: من ارتكبها وهو مشرك شركا أكبر ثم مات على ذلك فهو مخلد في النار، وإذا تاب منها ومن الشرك وعمل صالحا غفر الله له وبدل سيئاته حسنات، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 68- 70] وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [الزمر: 53- 54] الآيات إلى قوله سبحانه: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الزمر: 61] وقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ} [الأنفال: 38] وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الإسلام يجب ما قبله» (*)، ومن ارتكب المعاصي غير الشرك بعد أن دخل في الإسلام فالقول الصحيح فيه قول أهل السنة والجماعة: أنه مؤمن بقدر ما فيه من إيمان، فاسق بقدر ما فيه من كبائر الذنوب غير الشرك بالله، فإن مات عليها غير تائب فأمره عند أهل السنة والجماعة مفوض إلى الله، إن شاء عفا عنه وغفر له بسبب إيمانه، وإن شاء عاقبه بجرمه، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وقال تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102] وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني آت من ربي فأخبرني- أو قال:- بشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق» (*) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ودلت أحاديث الشفاعة الصحيحة المتواترة على ذلك تفصيلا فارجع إليها في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من كتب السنة، هذا إذا لم يتوبوا، أما من تاب منهم فقد كتب الله على نفسه أن يتوب عليه، كما تبين ذلك من النصوص السابقة وغيرها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
الفتوى رقم (8742):
س: ورد في كتاب الكبائر للمرحوم الشيخ ابن عبدالوهاب حديث: «من قال أنا مؤمن فهو كافر، ومن قال: أنا في الجنة فهو في النار»، أو ما في معناه دون تخريج للحديث ولا تعليل له تفضلوا بالإفادة عن صحة هذا الحديث وعن تعليل معناه.
ج: لم يثبت ذلك القول عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل روي أثرا موقوفا على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره آية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49] من سورة النساء، فقال: قال الإمام أحمد، حدثنا المعتمر عن أبيه عن نعيم بن أبي هند، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (من قال: أنا مؤمن فهو كافر، ومن قال: هو عالم فهو جاهل، ومن قال هو في الجنة فهو في النار) ورجاله ثقات، ورواه ابن مردويه من طريق موسى بن عبيدة، عن طلحة بن عبيدالله بن كريز، عن عمر أنه قال: (إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه، فمن قال: إنه مؤمن فهو كافر، ومن قال: هو عالم فهو جاهل، ومن قال: هو في الجنة فهو في النار) وفي سنده موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي، وهو ضعيف؛ قال فيه الإمام أحمد: لا تحل الرواية عنه، وقال مرة: منكر الحديث، وضعفه يحيى بن معين وابن المديني. انتهى كلام ابن كثير (*).
وفي رواية أحمد المذكورة انقطاع؛ لأن نعيما لم يسمع من عمر رضي الله عنه، والمراد بالأثر المذكور لو صح: كلام من يقول ذلك على سبيل ثناء الإنسان على نفسه وفخره بعمله مع ما في قول الإنسان (أنا من أهل الجنة) من الخرص والتهجم على علم الغيب، وقد قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65] وقال: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 26- 27].
وننصحك بالرجوع إلى الجزء الثاني من كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للعجلوني لتعرف مزيدا من العلم في الموضوع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
السؤال الرابع من الفتوى رقم (9452):
س4: هل صحيح أن مرض والدي دليل على محبة الله له؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه» رغم أن والدي لا يصلي من قبل أن يمرض، وأن المرض تخفيف ذنوب له.
هل صحيح أن العمل في البنوك حرام، وإذا كان الشخص مضطرا وليس أمامه عمل إلا هو؟
ج4: أولا: صدر منا فتوى في حكم العمل في البنوك الربوية برقم (4961) هذا نصها: إذا كان البنك غير ربوي فما يأخذه الموظف به من مرتب أو مكافأة أجرا على عمله من الكسب الحلال لاستحقاقه إياه مقابل عمل جائز، وإذا كان البنك ربويا فما يأخده الموظف من مرتب أو مكافأة أجرا على عمله به حرام؛ لتعاونه مع أصحاب البنك الربوي على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه». وقال: «هم سواء» (*) رواه مسلم.
ثانيا: من أصيب من المؤمنين بمصيبة مرض أو غيره حط عنه بذلك من خطاياه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها» (*) رواه أحمد والبخاري ومسلم. وروي عنه أنه قال: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» (*) رواه الترمذي وهذا في المؤمنين، أما الكافر فمن عقابه العاجل، وتارك الصلاة يعتبر كافرا في أصح قولي العلماء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
الفتوى رقم (11398):
س: لقد خطب إمام في مسجد يوم الجمعة الموافق 10/ 6/ 1408 هـ وكانت خطبته يذكر الناس بالجنة وما أعده الله فيها من نعيم، وفي آخر الخطبة أقسم أنه لا يدخل الجنة حالق ذقنه ولا مسبل ثوبه، نرجو من فضيلتكم الإفادة عن ذلك وهل هو على صواب أم على خطأ؟
ج: حلق اللحية وإسبال الملابس حرام، ومرتكب ذلك عاص وفاسق، وإذا مات المسلم مصرا على ذلك ولم يتب إلى الله جل وعلا فأمره إلى الله إن شاء عذبه بقدر معصيته ثم يدخله الجنة، وإن شاء عفا عنه ولم يعذبه؛ فضلا منه وكرما، والخطيب الذي ذكرت أنه أقسم أن حالق اللحية والمسبل ثيابه لا يدخلان الجنة قد أخطأ في قسمه وخالف مذهب أهل السنة والجماعة في حكم العاصي إذا مات مسلما ولم يتب، فنسأل الله له الهداية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان